الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025

 

First Published: 2014-07-31
إيفان إيليتش: اتركوني وشأني

تولستوي: من السهل أن تنسى الموت في خضمّ انشغالك بالحياة والأعمال اليومية الروتينية. ومع ذلك فإننا جميعا في طريقنا لأن نموت في وقت ما.

ميدل ايست أونلاين
إحدى العلامات الباهرة في الرواية العالمية الحديثة
القاهرة ـ ضمن سلسلة "آفاق عالمية" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، صدرت الرواية التي يعتبرها بعض النقّاد أشهر روايات تولستوي بعد "الحرب والسلام"، وهي رواية "موت إيفان إيليتش" التي تعد أكثر الأعمال الأدبية إثارة للأسئلة عن الحياة والوجود والموت بمناقشة ذات عمق سيكولوجي.
ورسالة تولستوي في "موت إيفان إيليتش" تقول: من السهل أن تنسى الموت في خضمّ انشغالك بالحياة والأعمال اليومية الروتينية. ومع ذلك فإننا جميعا في طريقنا لأن نموت في وقت ما. وحتى لو لم يقع لنا حادث سخيف يودي بنا إلى مرض طويل كما حدث لـ إيفان إيليتش، فإننا ما نزال نواجه الموت.
إن من السهل نسيان الموت عندما يبدو كلّ شيء على ما يرام. وهذا هو السبب في أن إيفان لم يكن يفكّر فيه. ولكن هذا لا يهمّ. فالموت زحف إليه عندما لم يكن يتوقّعه.
تقول المترجمة مها جمال في تقديمها للرواية إن إيفان إيليتش كان يلعب دوره المرسوم له سلفا فى الحياة. كان ناجحا جدّا فى عمله. لكنه، كقاض فى المحكمة، لم يكن لديه سوى القليل من المشاعر، كان يجرّد الناس من إنسانيتهم وينظر إليهم على أنهم مجرّد "قضايا" وليس أكثر، الشكليات عنده كانت أكثر أهمّية من أي نوع من الشعور الإنساني. أطبّاؤه جلّ ما يشغلهم هو البحث في أسباب مرضه، وهم ليسوا منشغلين بما إن كان سيعيش أو يموت، تماما مثلما أن إيفان نفسه لم يكن يهتمّ أبدا بما إن كانت أحكامه القضائية منصفة أو ظالمة.
واذا كانت "موت إيفان إيليتش" أوّل عمل أدبى مهم كتبه تولستوي بعد تحوّله عن الدين، وكونها مواجهة قويّة مع مشكلة الموت ومعنى الحياة، تنطوي كذلك على سخرية حادّة من أسلوب حياة أفراد الطبقة الوسطى الحديثة كما يجسّدها إيفان إيليتش، فكان تولستوي يراقب موقف هؤلاء من الحياة وهو يتشكّل في أيّامه، وكان يعتقد أن الذين يتبنّون هذه النوعية من الحياة غير قادرين على مواجهة الموت لأنهم لم يفهموا الحياة.
بعض القرّاء أعجبوا بالرواية بسبب رسالتها الأخلاقية القويّة، لكن آخرين رأوا فيها بداية النهاية لتولستوي كفنّان، وأنه بمجرّد أن بدأ يلعب دور الواعظ الأخلاقي، فقدت كتاباته تعقيدها ووهجها وأصبحت ذات بعد واحد.
ويقول إيفان لأطبّائه في أحد أجزاء الرواية: إنكم تعرفون جيّدا أنكم لن تتمكّنوا من فعل أي شيء لمساعدتي، لذا اتركوني وشأني، فيجيب أحدهم: نستطيع أن نخفّف من معاناتك، فيردّ إيفان قائلا: لا يمكنكم حتى أن تفعلوا ذلك. فقط اتركوني وشأني!
يذكر ان رواية "موت إيفان إيليتش" لتولستوي، تعد إحدى العلامات الباهرة في الرواية العالمية الحديثة.. اكتشاف وتحليل دقيق - وغير مسبوق - لأعماق الروح الإنسانية في اللحظة الفاصلة من الحياة، لحظة المواجهة مع المصير النهائي، وذلك ما جعلها تتصدر قوائم أهم الأعمال الإبداعية لدى الثقافات المختلفة.
وجاءت ترجمة مها جمال، كاملة ودقيقة، وتعي وتراعي الخصائص الأسلوبية واللغوية للنص الفريد المرهف، بلا عمومية أو عشوائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق